الأدب مَلَكَةٌ أو بَراعةٌ في النفس، تحصلُ مع نُشوء الفَرد مع أهل اللسان ومخالطته لهم، ومَن لَم ينشأ معهم ويخالطهم فعليه بمطالعة كُتُبهم وحِفظِ نُصوصِهم، حتّى تَحصُلَ له مَلَكَة التّعبير بأساليبهم.
والأدب العربي من الفنون الجميلة السّامية، المعبرة عن مَشاعر الإنسان وأفكاره وخبراته، بأساليب رقيقة وتراكيب فصيحة. فما أبدعه الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا من أعمال أدبية تتميز بجمال الصياغة، وأصالة الفكرة، وروعة التصوير، ودقة التعبير، ورصانة الأسلوب، وعذوبة المعاني، وعمق الخيال، كل ذلك يُسمّى أدبًا.
شهد الأدب العربي تطورات متلاحقة، بدءًا من العصر الجاهلي وحتى عصرنا الحاضر، وذكر بعض الباحثين أن مصطلح الأدب استُخدِم في نصوص العصر الجاهلي وصدر الإسلام بالمفهوم التربوي، فأطلق الفراهيدي ١٧٥هـ “حرفة الأدب” على من يتكسَّب بالتعليم ولا يُعَلِّمُ إلا من أجل المال. إلا أنّه في أواخر العصر الأموي نلاحظ استعمال كلمة الأدب بالمفهوم الأدبي والفني، حيث ظهرت كلمة الأدب في عناوين عدد من الكتب في بداية العصر العباسي، مثل كتاب “أدب الكاتب” لابن قتيبة، وكتاب “الأدب الكبير” لابن المقفع، وسمّى الشاعر أبو تمام “باب الأدب” في ديوان الحماسة. وبالرغم من ذلك نجد أنّ القرن الثالث الهجري – العاشر الميلادي – شهد تحديدًا لمفهوم الأدب العربي بما يحتويه من فنون شعرية ونثرية، فقال المُبَرِّد ٢٥٨هـ: “هذا كتاب ألفناه يجمع ضربًا من الآداب ما بين كلام منثور، وشعر موصوف، ومثل سائر، وموعظة بالغة”.
فلا يُعَدُّ من الأدب جُملة الكلام المتداول في الأحاديث اليومية، ولا ما يدور في الرسائل العادية، ولا ما يجري في الصحف اليومية، ولا ما يكتب في المجلات والكتب العلمية، إلا أن يتأنق فيه المتكلم أو الكاتب ببراعة أسلوب ومتانة تعبير وحُسن اختيار لألفاظه.
عصور الأدب العربي
إنّ أقدم النصوص الأدبية التي وصلت إلينا لا يزيد عمرها عن ألف وستمائة سنة، وبالرغم من ذلك فإن الكثير من الدراسات تؤكِّد أنّ الأدب العربي أقدم من ذلك بكثير، وإنّما تأخّر وصولها إلينا لسببين: عدم التدوين عند العرب، ونقلهم التُراث مُشافهة.
وقد اعتاد مؤرخو الأدب العربي تقسيم العصور الأدبية حسب تصنيف المستشرقين، نظرًا لموافقته العصور السياسية للتاريخ الإسلامي. وهذه العصور الأدبية هي:
- العصر الجاهلي من ٤٧٥م إلى ٦٢٢م.
- صدر الإسلام والأموي من 622م إلى ٧٥٠ م.
- العصر العباسي من 750 إلى ١٢٥٨م.
- من سقوط بغداد 1258م إلى ١٨٠٠م.
- من عصر النهضة الحديثة من ١٨٠٠م إلى يومنا هذا.
في هذا المقرر سنقتصر على عرض التراث العربي الممتدّ من العصر الجاهلي حتى نهاية العصر العباسي المؤرخ بسقوط بغداد سنة 1258م.