ديسمبر 11, 2022

ملخص

يناقش البحث معايير الثقافة العربية في برامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، من خلال المستويات الثقافية الثلاثة التي سبق للباحث أن فصلها في بحثه المنشور في العدد الثاني/٢٠٢٠ من مجلة كلية الدراسات الإسلامية  بعنوان “المخرجات الثقافية في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها: معايير نواتج التعلم” حيث وضع مستويات للثقافة في تعليم اللغة العربية وهي:المعرفة ثم الوعي ثم الكفاءة الثقافية، ومن ثم وضع معايير محددة للمخرجات الثقافية، والآن يتمم الباحث بوضع ضوابط معيارية ومؤشرات جودة لتلك المعايير، كمقترح لضبط جودة تعليم الثقافة وتعلمها في برامج تعليم اللغة العربية، وهي مساهمة من الباحث في طريق الوصول إلى معيارية تعليم اللغة العربية، وبالتالي ضبط عمليات تعلم الثقافة العربية، بإبراز دور المعايير الثقافية في علميات تعليم اللغة العربية، وأهمية الالتزام بالضوابط والمؤشرات، سواء في تعلم العربية وتعليمها في المجال العام، أو تعليمها للمسلمين، أو تعليمها لطلاب العلوم الإسلامية.الكلمات المفتاحية: اللغة العربية لغير الناطقين بها، تعليم العربية لغة ثانية، الثقافة الإسلامية، الثقافة العربية، معايير، كفاءة، اللسان، مهارات، مضامين ثقافية، مخرجات ثقافية، مؤشرات، ضوابط ثقافية، جودة.

مقدمة

تعد الضوابط بمنزلة الشروط التي يتوقف عليها إنجاز العمل بموضوعية وإتقان، وهي في مجال التعليم ضرورة لتحسين مستوى المضامين التعليمية وأساليبها ونواتجها، وإن المؤشرات التي تضبط الثقافة العربية والإسلامية في برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها تتوقف على معرفة المستويات الثقافية، وبالتالي يتم نظم ضوابط لتلك المستويات الثقافية، وهذه المستويات الثقافية سبق للباحث أن بينها بالتفصيل في بحث سابق نشرته مجلة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في العدد الثاني لسنة ۲۰٢٠ بعنوان: «المخرجات الثقافية في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها: معايير نواتج التعليم». حيث بين الباحث معايير الثقافة في تعليم اللغة العربية، وأن هذه المعايير تشكل مستويات للثقافة عند تعلم اللغة الثانية.

نظرا لعالمية اللغة العربية والتداخل الحضاري مع مضامين المحتوى الثقافي للغة العربية فإن المتعلم للغة العربية عند دمج الثقافة في تعليم اللغة يحصل فوائد دائمة من تجربة تعلم اللغة، وأنه يجب دمج الثقافة في عمليات تعلم اللغة وتعليمها، وأن المعرفة باللغة لا تتحقق دون المعرفة بالثقافة، وتعلم المهارات اللغوية لا يكتمل دون تعلم إطارها الثقافي والأبعاد الثقافية المنطوية في كل مهارة من مهارات اللغة، حتى يتمكنوا من التحدث بها والكتابة بها بطرق مناسبة تعبر عن اللغة الهدف ومكنونها الثقافي الذي ينعكس في هوية الناطقين بها، وهذا هو سر تحصيل الكفاءة التواصلية.

ناقش كثير من الباحثين تعليم الثقافة، وقد أشرت إلى أهمهم في المقدمة، وتوسعت کرامش (Kramsch)1 في أدوار الراوابط الثلاثة في تأطير نطاقات المستويات الثقافة التي تضبط التداخل والتنافر بين التطبيقات الثقافية، وتضع حدودا بينية لكل نطاق، ووجد الباحث توافقا بين معظم الباحثين في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها على تدرج مستويات الثقافة في عمليات تعليم اللغة ؛ في ثلاثة مستويات: المعرفة والوعي والكفاءة الثقافية، فينطلق تعليم الثقافة من المعرفة بثقافة اللغة الهدف ثم بالوعي الثقافي الذي يمتد إلى فهم اللغة وإدراك تطبيقاتها بين أبنائها، وإذا ما اتضح للمتعلم ذلك ممارسة في تطبيقات اللغة العربية مع أبنائها فإن الكفاءة الثقافية تتشكل من خلال تأطير المتعلم لذلك التمايز بين الثقافات والحدود بين الأنماط البيئية وانعكاس ذلك كله على الممارسة اللغوية مع أبناء العربية، وإن كفاءة المتعلم الثقافية تتضح عند الممارسات الأدبية والفنية والتعبيرية مع أبناء العربية دون خلط بين الخصوصيات البينية على الرغم من التقارب والتشابه اللفظي أو الأسلوبي أو البياني أو الفني، إلخ. وهناك بحوث اهتمت بدور الثقافة عند تعليم العربية لغة ثانية، وفي تعليم اللغات عموما، لكن الباحث لم يجد من اهتم بوضع معايير لهذا الجانب المهم والأساسي في تعليم العربية لغة ثانية؛ وهو المعايير الثقافية في تعليم العربية لغة ثانية وضوابطها»، فقام الباحث بوضع ضوابط معیارية لتعليم الثقافة العربية والإسلامية في عمليات تعليم اللغة العربية وموادها التعليمية، كما وضع الباحث مؤشرات لتلك المعايير تضبط موضوعاتها ونطاقاتها ومجالات إيرادها حسب المستوى الثقافي الذي يتم دمج الثقافة فيه، وإدراج موضوعاتها ومواقفها الاتصالية فيه، ولهذا عمل الباحث على تفصيل الضوابط التي ينبغي بيانها لتحقق جودة المخرجات الثقافية في تعلم اللغة العربية وتعليمها، وتعتبر هذه الضوابط بمثابة مؤشرات لتلك المعايير الثقافية الثلاثة: المعرفة الثقافية والوعي الثقافي والكفاءة الثقافية، فكل واحد من هذه المعايير له مؤشرات تدل على تحقيقه وضوابط لجودة أدائه وتطبيقه في عمليات تعليم اللغة العربية وتعلمها. ويمكن تأطير معايير المستويات الثقافية بثلاثة مستويات، يندرج تحت كل مستوى منها معايير خاصة به، وتحت كل معیار منها ضوابط تجدد مجالات تطبيقه واستخدامه. وهذه المعايير الثلاثة هي:

1 . مستوى المعرفة الثقافية:

يحدد هذا المستوى طبيعة المفاهيم والمهارات التي ينبغي أن يتعلمها دراسو العربية لغة ثانية، بحيث يدركون الحقائق والمعلومات الثقافية، فتتركب في أذهانهم ونفوسهم تصورات عن القيم والعادات الاجتماعية وطبيعة الثقافة، والفولكلور وأنماط الممارسات في الحياة اليومية، إضافة إلى المنتجات الثقافية والآداب والفنون بأشكالها وصورها.

2 .مستوى الوعي الثقافي:

والمقصود به إدراك أبعاد النطاقات الثقافية المتعددة بين ثقافة المتعلم وثقافة اللغة الهدف. إذ يتكون الوعي الثقافي بعدة إجراءات يمارسها المتعلم، كإيجاد أوجه التشابه والاختلاف بين ثقافة المتعلم وثقافة اللغة الهدف، فينطلق المتعلم من تحديد العلاقة بين الثقافتين، ويتطور إلى نقد و تحليل تلك العلاقة، ثم توضيح العلاقة الإيجابية بين الثقافتين أو الثقافات المتعددة، واكتساب القيم الثقافية عند الممارسة اللغوية كالتسامح والتعاطف وغير ذلك، بالإضافة إلى التمايز بين الحدود المحلية والخارجية للثقافتين، فجميع هذ العمليات تسمى الوعي الثقافي.

3. مستوى الكفاءة الثقافية:

والمقصود به إدراك الأبعاد الثقافية الثقافة المتعلم الأصلية والثقافة الجديدة، وإنزالهما في التطبيقات اللغوية والتواصلية، وهذه العملية إنما تقود تدريجيا إلى الاقتراب من مستوى أعلى من مجرد المعرفة والفهم للأنماط الثقافية، وتوصل إلى بناء الرؤى ووجهات النظر والتحليل والمناقشة في محاور ثقافية، والتعبير عن السمات الشخصية ونقد السلوكيات الثقافية بشكل إيجابي يعبر عن النضج في فهم الثقافة ومناقشة صورها وأشكالها بإيجابية، وهذا ما نطلق عليه الكفاءة الثقافية.


مقالات اخرى

ديسمبر 11, 2022

الدور الثقافي في اللغة العربية من منظور لساني _ مجلة ألوان 2022

لكل لغة نسق لساني ومحتوى ثقافي، ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر في تعلم اللغة وتعليمها لأبنائها أو لغير أبنائها،

د. مؤمن العنان

ديسمبر 11, 2022

العربية والتراث اللغوي العربي

تصفح PDF نشأةُ اللّغات وتطورها اللغة ظاهرة اجتماعية تنشأ عن النشاط الإنساني التواصلي، ويرجع الفضل في نشوء اللغات إلى الحياة

د. مؤمن العنان

ديسمبر 11, 2022

لماذا يحتاج أبناؤنا اللغة العربية؟

اللُّغةُ قَدَرُ الإنسان وعالَمُه، وحدود لغته هي حدود عالَمه. فهي وَلاءٌ وانتماء، وثقافة وهوية، ووطن وشخصية. هي نظام الحياة الذي

د. مؤمن العنان

ديسمبر 11, 2022

المخرجات الثقافية في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها

تصفح PDF ملخص يناقش البحث نواتج تعليم الثقافة باعتبارها جزءا من تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، من خلال دور

د. مؤمن العنان

ديسمبر 11, 2022

فهم النص وتفسيره في منهج الفكر الإسلامي

تصفح PDF اللفظ وعاء لغوي وثقافي، يحمل دلالة أو أكثر، والعلاقة بين الألفاظ والمعاني كالعلاقة بين الجواهر وأعراضها، المعاني تدور

د. مؤمن العنان

ديسمبر 11, 2022

مخطط البناء اللغوي

تصفح PDF

د. مؤمن العنان

>